تبدأ هذة المرحلة من سن 4 سنوات إلى 6 سنوات، وتكثر في هذه المرحلة لدى الطفل أحلام اليقظة والتخيل وينسج أحيانا قصصا خيالية تحقق له أشباعات معينة ومن الناحية الأنفعالية، تتصف انفعالات الطفل بالتقلب والشدة فسرعان ما يضحك ثم ينقلب ضحكة بكاء.
و من الناحية الاجتماعية يبدأ الطفل في هذة المرحلة بانتقاء أصدقائه وتتوسع دائرة علاقاتة الاجتماعية وينمو المحصول اللغوي للطفل بدرجة كبيرة عن طريق حب الأستطلاع والرغبة في أكتساب معلومات ومعارف جديدة.
واجب الأسرة من الناحية الدينية في هذه المرحلة المهمة:
أولاً:- تعليم الطفل معرفة الله تعالى
حيثُ تبدأ تساؤلاته عن نشوء الكون وعن نشوئه ونشوء أبويه ومن يحيط به، وان تفكيره المحدود مهيأ لقبول فكرة الخالق والصانع فعلى الوالدين استثمار تساؤلاته لتعريفه بالله الخالق في الحدود التي يتقبّلها تفكيره المحدود، والإيمان بالله تعالى كما يؤكده العلماء سواء كانوا علماء دين أو علماء نفس والتربية والتعليم في هذه المرحلة يفضّل أن تكون بالتدريج ضمن منهج متسلسل متناسباً مع العمر العقلي للطفل، ودرجات نضوجه فمثلا :
(1) عند بلوغ الطفل ثلاث سنين يقال له : قُلْ لا إله إلاّ الله سبع مرات ويترك يرددها ستة أشهر(2) ويقال له : قُلْ محمد رسول الله سبع مرات ويترك لفترة ستة أشهر يرددها ومعها (1) (3) بعد يقال له: قُلْ سبع مرات صلى الله على محمد وآله يرددها لفترة ومعها(1, 2) (4) ويقال له : أسجد ويترك حتى يتم سبع سنين (5) يقال له : اغسل وجهك وكفيك فان غسلهما قيل له صلى ويترك (6) فان تمت له تسع سنين علم الوضوء وضرب عليه وأمر بالصلاة وضرب عليها فاذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله عز وجل له ولوالديه إنشاء الله
وتعميق الايمان بالله ضروري في تربية الطفل في هذه المرحلة وطبيعيا يكون مقلداً لوالديه في كل شيء بما فيها الايمان بالله
والطفل بين العمر الثالث والعمر السادس يحاول تقليد الابوين في كلِّ شيء فاذا حدّثاه عن الله فانه يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله حرفيا ً) والطفل في هذه المرحلة يميل دائماً اِلى علاقات المحبة والمودّة والرقّة واللين فيحب أو يفضّل تأكيد الصفات الخاصة بالرحمة والحب والمغفرة إلى أقصى حدٍّ ممكن مع التقليل إلى أدنى حد من صفات العقاب والانتقام فتكون الصورة التي يحملها الطفل في عقله عن الله صورة جميلة محببة له فيزداد تعلقه بالله ويرى انه مانح الحب والرحمة له. واذا أردنا ان نكوّن له صورة عن يوم القيامة فالأفضل ان نركز على نعيم الجنة بما يتناسب مع رغباته، من أكل وشرب وألعاب وغير ذلك، ونركز على انه سيحصل عليها إنْ أصبح خلوقاً ملتزماً بالآداب الإسلامية، ويُحرم منها إنْ لم يلتزم، ويؤجل التركيز على النار والعذاب إلى مرحلة متقدمة من عمره.
ثانياً : التركيز على حبّ النبي وآله وأهل البيت عليهم السلام قال رسول الله (أدبّوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن) في هذهِ المرحلة تنمو المشاعر والعواطف والاحاسيس عند الطفل، من حب وبغض وانجذاب ونفور، واندفاع وانكماش، فيجب على الوالدين استثمار حالات الاستعداد العاطفي عند الطفل وتنمية مشاعره وعواطفه، وتوجيهها نحو الارتباط بأرقى النماذج البشرية والمبادرة إلى تركيز حبّ النبي وحبّ أهل البيت عليهم السلام في خلجات نفسه، والطريقة الأفضل في تركيز الحبّ هو إبراز مواقفهم وسلوكهم في المجتمع وخصوصاً ما يتعلق برحمتهم وعطفهم وكرمهم، ومعاناتهم وما تعرضوا له من حرمان واعتداء، يجعل الطفل متعاطفاً معهم محباً لهم مبغضاً لمن آذاهم من مشركين ومنحرفين. والتركيز على قراءة القرآن في الصغر يجعل الطفل منشدّاً إلى كتاب الله، متطلعاً على ما جاء فيه وخصوصاً الايات والسور التي يفهم الطفل معانيها، وقد أثبت الواقع قدرة الطفل في هذه المرحلة على ترديد ما يسمعه، وقدرته على الحفظ
ثالثاً : تربية الطفل على طاعة الوالدين للوالدان الدور الأكبر في تربية الاطفال، فالمسؤولية تقع على عاتقهما أولاً وقبل كلّ شيء، فهما اللذان يحدّدان شخصية الطفل المستقبلية، وتلعب المدرسة والمحيط الاجتماعي دوراً ثانوياً في التربية. والطفل إذا لم يتمرّن على طاعة الوالدين فانه لا يتقبل ما يصدر منهما من نصائح وإرشادات وأوامر إصلاحية وتربوية، فيخلق لنفسه ولهما وللمجتمع مشاكل عديدة، فيكون متمرداً على جميع القيم وعلى جميع القوانين والعادات والتقاليد يقال (جرأة الولد على والده في صغره، تدعو إلى العقوق في كبره) وتربية الطفل على طاعة الوالدين تتطلب جهداً متواصلاً منهما على تمرينه على ذلك ؛ لاَنّ الطفل في هذه المرحلة يروم إلى بناء ذاته وإلى الاستقلالية الذاتية، فيحتاج إلى جهد اضافي من قبل الوالدين، وأفضل الوسائل في التمرين على الطاعة هو إشعاره بالحبّ والحنان ومن أهم العوامل التي تساعد الطفل على الطاعة والحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كلِّ افراد الاسرة ومن الوسائل التي تجعله مطيعاً هي اشباع حاجاته الأساسية كالامن، والمحبة، والتقدير فإذا شعر الطفل بالحب والحنان والتقدير من قبل والديه، فانه يحاول المحافظة على ذلك بإرضاء والديه وأهم مصاديق الأرضاء هو طاعتهما. فالوالدان هما الأساس في تربية الطفل على الطاعة، قال رسول الله (رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما) وأسلوب الاعانة كما حددّه رسول الله (رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالاحسان إليه، والتألف له، وتعليمه وتأديبه) وقال (رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله) وقال (رحم الله من أعان ولده على برّه... يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به) وحبّ الاطفال للوالدين ردّ فعل لحبّ الوالدين لهما فإذا كان الحبُّ هو السائد في العلاقة بين الطفل ووالديه، فإنّ الطاعة لهما ستكون متحققة الوقوع، وعلى الوالدين أنْ يُصدرا الاوامر برفق ولين بصورة نصح وإرشاد فان الطفل سيستجيب لهما، أمّا استخدام التأنيب والتعنيف فإنه سيؤدي إلى نتائج عكسية، ولذا أكدّ علماء النفس والتربية على التقليل من العنف وإطاعة الاوامر لا يجد فيها الطفل الذي حصل على المحبة والتقدير أية غضاضة على حبه للاستقلال، وبالمحبة التي يشعرها تتعمق في نفسه القابلية على تقليد سلوك من يحبّهم وهما الوالدين، فينعكس سلوكهما عليه، ويستجيب لهما، فإنه إذا عومل كإنسان ناضج وله مكانة فانه يستريح إلى ذلك ويتصرّف بنضج وبصورة لا تسيء إلى والديه، فيتمرّن على الطاعة لوالديه، ومن ثم الطاعة لجميع القيم التي يتلقاها من والديه أو من المدرسة أو من المجتمع. عن جد