" الأخصائي النفسي الإكلينيكي
يشخص اضطرابات الأفراد العقلية والإنفعالية في العيادات والسجون والمؤسسات الأخرى ، ويقوم بتنفيذ برامج العلاج ، ويقوم بمقابلة المرضى ، ويدرس تاريخ الحالة الطبي والاجتماعي ، ويلاحظ المرضى أثناء اللعب أو في المواقف الأخرى ، وينتقي الاختبارات الإسقاطية والنفسية الأخرى ويطبقها ويفسرها ليشخص الاضطراب ، ويضع خطة العلاج ويعالج الاضطرابات النفسية لإحداث التوافق باستخدام أفضل أنواع العلاج المختلفة مثل علاج البيئة ، والعلاج باللعب ، والسيكو دراما وغيرها . ويختار الأسلوب الذي يستخدم في العلاج الفردي مثل العلاج الموجه والعلاج غير الموجه والعلاج المساند ، ويخطط عدد مرات العلاج أسبوعياً وعمقه ومدته . وقد يتعاون مع تخصصات مهنية أخرى مثل أطباء الأمراض العقلية ، وأطباء الأطفال وأطباء الأعصاب وأطباء الأمراض الباطنية وغيرهم كالأخصائيين الاجتماعيين والأطباء النفسيين والمساعدين لتطوير برامج علاج المرضى التي تعتمد على تحليل البيانات الإكلينيكية . وقد يدرب الطلبة الإكلينيكيين الذين يؤدون فترات الامتياز في المستشفيات والعيادات . وقد يطور التصميمات التجريبية ، ويقوم بالبحوث في ميدان تطور الشخصية ونموها والتوافق (التكيف في الصناعة والمدارس والعيادات والمستشفيات) ، وفي مشكلات التشخيص والعلاج والوقاية من الأمراض العقلية . وقد يخدم كمستشار في المؤسسات الاجتماعية والتربوية والترفيهية والمؤسسات الأخرى وذلك بالنسبة لحالات الأفراد أو التقويم أو التخطيط أو تطوير برامج الصحة النفسية . وقد يستخدم مهاراته في التدريس والبحث والاستشارة "
( عطوف ياسين ، 1986 ، ص ص 96-97).
ويرى بعض الباحثين أن التشخيص ، والعلاج النفسي ، وإجراء البحوث النفسية ، والتدريس في الجامعات والكليات تعتبر من أهم مهام الأخصائي النفسي الإكلينيكي ( ليندا دافيدوف ، 1988 Costin & Draguns,1989 ; ) .
ورغم أن بعض الأخصائيين النفسيين يقومون بالتدريس في المدارس والمؤسسات الطبية ، إلا أن الكثير من طلاب الطب لديهم إدراكات خاطئة عن دور الأخصائي النفسي الإكلينيكي وذلك كنتيجة مباشرة لتأثير الطب النفسي عليهم . لذلك فإن قلة معرفة طلاب الطب والأطباء بالقضايا النفسية وبمهارات الأخصائي النفسي الإكلينيكي تعتبر من أهم الصعوبات التي تواجه الأخصائي النفسي الذي يعمل في المؤسسات الطبية.
ونظراً للتشابه في المهام التي يؤديها كل من الأخصائي النفسي والطبيب النفسي ، فإن معظم الأطباء النفسيين يؤكدون على أن مهمتي التشخيص والعلاج النفسي هما من اختصاص الطبيب النفسي ، وأن الأخصائي النفسي غير قادر على ممارسة هذه المهام . ويبررون ذلك بأن الأخصائي النفسي ينقصه التدريب وخصوصاً في المجال الطبي . كما يرى الكثير من الأطباء النفسيين أن الاستشارات النفسية مهمة للغاية ، إلا أنهم يعتقدون أن الأخصائي النفسي الإكلينيكي ينقصه التدريب والتأهيل لكي يمارس هذا الدور على أكمل وجه لقد مضى على هذا الكلام ما يقرب من عشرين عاماً ، وربما تكون الصورة قد تغيرت (Meyers ; Fink & Carey,1988) .
يتكون فريق العمل في مجال الصحة النفسية من عدد من المتخصصين أو المهنيين مثل الأخصائي النفسي الإكلينيكي ، والطبيب النفسي ، والأخصائي الاجتماعي في مجال الطب النفسي ، وأخصائي التحليل النفسي . وقد تتسع هذه التخصصات لتشمل أخصائيين آخرين مثل الأخصائي النفسي في مجال الإرشاد النفسي ، وأخصائي التمريض وغيرهم ( جمعة يوسف ، 2000 ، ص 364 ) . ولكي يؤدي هذا الفريق عمله على أكمل وجه يجب على كل عضو أن يكون لديه فهم صحيح للمهام والأدوار التي يؤديها أعضاء الفريق الآخرين . ونظراً لتشابه الأدوار التي يؤديها كل من الأخصائي النفسي الإكلينيكي والطبيب النفسي ، فإن بعض الأطباء النفسيين ربما يرون أن قيام الأخصائي النفسي الإكلينيكي بممارسة التشخيص والعلاج إعتداء على مهام لا يمكن أن يمارسها سوى الطبيب النفسي . وبطبيعة الحال فإن إحساس الأخصائي النفسي الإكلينيكي بأن دوره غير مفهوم من قبل بقية أعضاء الفريق العلاجي وعلى وجه الخصوص من قبل الطبيب النفسي الذي غالباً يتولى رئاسة الفريق العلاجي ، قد يولد لديه بعض الإحباطات والضغوط النفسية التي قد تعيقه عن أداء دوره كما ينبغي.
إن معظم العاملين في مجال الصحة النفسية من غير الأخصائيين النفسيين قد لا يكون لديهم الاستعداد للاعتراف بكفاءة الأخصائي النفسي الإكلينيكي وقدرته على ممارسة مهامه التي تم تأهيله وتدريبه عليها (Matthew,1993) . كذلك فإن بعض الأطباء النفسيين يرون أن الأخصائي النفسي الإكلينيكي لديه قدرات محدودة لممارسة التشخيص والعلاج وتقديم الاستشارات النفسية لأنه لم يتلق تدريباً وتأهيلاً كافيين في هذه المجالات (Meyer etal.,1988) .
ومن ناحية أخرى فقد أظهرت نتائج العديد من الدراسات أن عامة الناس يدركون الدور الذي يقوم به الأخصائي النفسي الإكلينيكي ، حيث أشارت هذه الدراسات إلى أن الأخصائي النفسي الإكلينيكي قادر على القيام بتشخيص الاضطرابات النفسية وعلاجها ، وتقديم الاستشارات النفسية
(Schindler etal., 1987 ; Bland etal., 1990 ; Schulte,1993 ; Bremer etal., 2001)
وبالإضافة إلى قيام الأخصائي النفسي الإكلينيكي بأدوار رئيسه تتمثل في تشخيص وعلاج الاضطرابات العقلية وتقديم الاستشارات النفسية فإن محمد الصبوه (2002) على سبيل المثال يرى أن تدريب أفراد المهن الأخرى المتصلة بمجال الصحة النفسية هو من صميم عمل الأخصائي النفسي الإكلينيكي . وفي هذا الصدد يقول محمد الصبوه (2002) : " ينتظر من الأخصائي النفسي ضرورة المشاركة في ممارسة التخصص ، وفي تدريب أفراد المهن الأخرى المتصلة بمجال الصحة النفسية ، كالأطباء في مجال طب الصناعات وطب البيئة والمجتمع ، والأطباء النفسيين والممرضين ، والاختصاصيين الاجتماعيين ، والمسئولين عن مراقبة الجانحين ، وغيرهم كثيرون .. تدريبهم على إنجاز مهامهم بنجاح وبأقل عدد من العمليات والخطوات اللازمة للإنجاز.
تعتبر الدراسات التي تناولت العلاقة بين الأخصائي النفسي الإكلينيكي وبقية أعضاء الفريق العلاجي قليلة ، وخاصة تلك الدراسات التي تركز على إدراك الطبيب النفسي لما يتمتع به الأخصائي النفسي الإكلينيكي من مهارات وما يؤديه من مهام (Blumenthal & Lavender ,1997) .
وفي حدود علم الباحث ، لا توجد دراسات عربية حول إدراك الطبيب النفسي لدور الأخصائي النفسي الإكلينيكي ، لذلك تأتي أهمية الدراسة الحالية في كونها تتناول موضوعاً جديداً وهو الكشف عن مدى إدراك الطبيب النفسي لدور الأخصائي النفسي الإكلينيكي .
إن حداثة هذا الموضوع هو ما جعل الباحث يأمل في أن تكون الدراسة الحالية بمثابة إضافة إلى التراث السيكولوجي في المملكة العربية السعودية وفي العالم العربي مما قد يثري المكتبة العربية في هذا المجال . وأخيراً فإن نتائج الدراسة الحالية وتوصياتها ربما تسهم في توضيح الدور الحقيقي للأخصائي النفسي الإكلينيكي .
1- دور الأخصائي النفسي الإكلينيكي:
يقصد بالدور هنا المهام المنوطة بالأخصائي النفسي الإكلينيكي والمتمثلة في تشخيص الاضطرابات النفسية وعلاجها ، وتقديم الاستشارات النفسية للأفراد والمؤسسات العلاجية ، وعمل البحوث النفسية.
2- الأخصائي النفسي الإكلينيكي :
يعرف ساراسون وساراسون Sarason & Sarason (1984) الأخصائي النفسي الإكلينيكي بأنه " أخصائي نفسي حاصل على درجة علمية عالية غالباً ما تكون الدكتوراه ، ومتخصص في السلوك غير العادي ، وهو مدرب على تشخيص وعلاج اضطرابات الشخصية والاضطرابات النفسية الأخرى غير عضوية المنشأ ، ويقوم أيضاً بعمل البحوث والدراسات النفسية " (P.12) .
كما يعرف هولمز Holmes (1994) الأخصائي النفسي الإكلينيكي بأنه "الشخص الحاصل على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي ، ويكون أيضاً حاصلاً على تدريب كافي في المجال الإكلينيكي بحيث يصبح قادراً على تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية " (P.600) .
ويقصد بالأخصائي النفسي الإكلينيكي في الدراسة الحالية الشخص الحاصل على الأقل على درجة البكالوريوس في علم النفس ، ويعمل في أحد مستشفيات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة ، أو للقطاعات الحكومية الأخرى في المملكة العربية السعودية . ويجب أن يكون هذا الشخص قادراً على المساهمة في عمليتي التشخيص والعلاج النفسي عن طريق تطبيق وتفسير الاختبارات النفسية، ودراسة الحالات الفردية ، وإجراء المقابلات الإكلينيكية .
3- الطبيب النفسي :
يعرف هولمز Holmes (1994) الطبيب النفسي بأنه " طبيب متخرج من إحدى كليات الطب ، والتحق ببرنامج تدريبي في الطب النفسي يركز على تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية ، لمدة ثلاث سنوات ، وعادة ما يقدم هذا البرنامج في مستشفيات الصحة النفسية" (P.13) .
ويقصد بالطبيب النفسي في الدراسة الحالية الطبيب الذي يعمل في أحد مستشفيات الصحة النفسية بالمملكة العربية السعودية ، ويكون بعد حصوله على بكالوريوس الطب قد التحق ببرنامج تدريبي في الطب النفسي يركز على تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية ، ولمدة لا تقل عن سنتين