مفهوم توهم المرض:-
هو الانشغال الزائد بمرض وانشغال الشخص بصحته بشكل مفرط وتفسيراته غير الواقعية لأعراضه الجسدية مما يؤدي إلى الخوف أو الاعتقاد أنه لديه مرض خطير ، رغم أن الفحص الجسدي الدقيق يؤكد عـدم وجود مرض ، وهذا الاعتقاد أو الخوف غير المنطقـي يظل ثابتاً رغم التأكيدات الطبية بعدم وجود مرض لديه، ولكن هذا الاعتقاد لا يصل إلى شدة الوهم حيث أنــه يمكن أن يقبل احتمال كونه مبالغاً في خوفه مــن المرض ، أو أنه قد لا يوجد مرض على الإطلاق ، قـد يصل الانشغال بوظائف الجسم مثل ضربات القلب أو العـرق أو حركة الأمعاء أو الأعراض الجسدية الطفيفة ( مثـل السعال) إلى حد تفسير الشخص ذلك كبرهان على مرض خطير قد يشمل المرض عدة أجهزة جسدية وقد يتركز بعضو واحد، كما في حالة عصاب القلب ( Cardiac Neurosis ) التي فيها يخاف الشخص أو يعتقد أنه مريض بالقلب. (الحجار، 2004)
يصاحب هذا الاضطراب كثرة التردد على الأطباء وتدهور العلاقة بين الطبيب و المريض وإحباط كل من المريض والطبيب ، بالإضافة إلى أعراض القلق والإكتئاب وصفـات الشــخصيـة الوسواسية .
كما يعرف بأنه، اضطراب نفسي المنشأ ، عبارة عن اعتقاد راسخ بوجود مرض ، رغم عدم وجود دليل طبي على ذلك . وهو تركيز الفرد على أعراض جسمية ، ليس لها أساس عضوي ، وذلك يؤدي على حصر تفكير الفرد في نفسه ، واهتمامه المرضي الدائم بصحته وجسمه ، بحيث يطغى على كل الاهتمامات الأخرى ، ويعوق اتصاله السوي بالآخرين ، ويشعره بالنقص والشك في نفسه ، كما يعوق اتصاله أيضا بالبيئة المحيطة به ، ويطلق عليه أحيانا " رد فعل توهم المرض " Hypochondriacal Reaction. (زهران، 2005)
ويختلف هذا المرض عن الهستيريا وعن الاضطرابات السيكوسوماتية ، بانه لا يصحبه اضطراب حقيقي في وظيفة أي عضو ، كما أن التعبير عن الأعراض لا يتم خلال الجهاز العصبي الذاتي أو الحسي الحركي ، وإنما هو اضطراب في محتوى الفكر أساسا ، وفي " صورة الجسم " في المخ. (الجاموس، 2004)
فالمريض هنا يتوهم إصابته فعلا بمرض أو أمراض معينة ، أو يتوهم استعداده للإصابة السريعة بمرض أو أمراض معينة ، لهذا فهو دائم التخوف والاحتياط حتى لا يصاب بالمرض ، وهو منشغل انشغالا زائدا بصحته وخائف عليها ، ومهتم اهتماما مفرطا بها ، وإن أصابته
وغالبا ما يفشل الآخرون ، بل وربما أطباؤه – أيضا – في طمأنته على صحته ، وفي إقناعه بخلوه من المرض . ومن هنا ، فهو دائم الشكوى من إصابته المتوهمة بأمراض معينة ، أو من خوفه من الإصابة بها ، حتى أن البعض يميل إلى تسميه هذا المرض بوسواس المرض.
أما عن مدى حدوث توهم المرض فقد يحدث بصفة عامة في العقدين الرابع والخامس من العمر، ونادر الحدوث لدى الأطفال ويظهر بكثرة في الشيخوخة وينتشر أكثر لدى الإناث عنه لدى الذكور، كما ينتشر في حالة العجز أو الإعاقة حيث يبالغ المريض في الإصابة الجسمية.
وتتسم شخصية المريض قبل المرض بالتمركز حول الذات بشكل غير ناضج، والميل إلى الإنعزال والإنطواء، والاهتمام الزائد بالصحة والجسم. (زهران، الصحة النفسية والعلاج النفسي، 2005)
أعراض توهم المرض:-
إن العرض المميز لهذا المرض هو استحواذ فكرة الإصابة بمرض جسدي شديد، غالبا ما يكون خطيرا على الحياة أو مسببا للإعاق، على المصاب، حيث يفكر المصاب بشكل متكرر بتلك الاحتمالية، ويقوم بتفسير الأعراض الجسدية البسيطة أو الوظائف الجسدية الطبيعية أو الاختلافات الفردية بين الأشخاص بأنها علامات على إصابته بمرض شديد، مما يؤدي به إلى زيارة العيادات والمستشفيات بشكل متكرر بالرغم من أن نتائج الفحوصات التي تؤكد على سلامته لا تقدم له الاطمئنان المستمر، حيث إنه يعاود القلق من جديد بعد مضي مدة زمنية.
وقد أضاف مرجع (Oxford) أنه بالرغم من أن المصاب قد يقتنع بأن مخاوفه لا أساس لها، إلا أنه لا يستطيع إيقافها.
في حين يشير موقع (Mayo Clinic) إلى أن علامات وأعراض هذا المرض تتضمن ما يلي:
• الخوف والقلق المفرطان بشأن الإصابة بمرض معين أو حالة معينة.
• القلق من كون الأعراض البسيطة إشارات على وجود مرض خطير.
• التفقد المتكرر للجسد بحثا عن التقرحات أو الأورام.
• الفحص المتكرر للعلامات الحيوية، كضغط الدم ودرجة الحرارة.
• الاعتقاد بالإصابة بمرض ما بعد السماع أو القراءة عنه.
• اللجوء المتكرر للفحوصات والاستشارات الطبية.
• التغيير المتكرر للأطباء الذين تتم استشارتهم.
• عدم الرضا بشأن الرعاية الصحية المقدمة.
• الضيق النفسي.
• توتر العلاقات الاجتماعية.
وتختلف شدة هذا المرض من حالة إلى أخرى، حيث إن بعض المصابين يكونون متيقنين من إصابتهم بمرض معين، ويستحوذ الحصول على تشخيص على تركيزهم واهتمامهم، مما يجعلهم يفسرون عدم حصولهم على التشخيص بأنه ناتج عن تقصير طبي، الأمر الذي يؤدي بهم إلى اللجوء لطبيب جديد كلما أكد لهم الطبيب السابق بأنهم غير مصابين بذلكالمرض . كما وأنهم يخضعون أنفسهم إلى فحوصات طبية لا داعي لها، كصور الرنين المغناطيسي MRI وتخطيطات القلب وحتى العمليات الاستقصائية من دون حاجة. بالإضافة إلى ذلك، فهم يتحدثون بشكل مستمر مع أفراد عائلاتهم وأصدقائهم عما لديهم من أعراض وعن الأمراض التي يعتقدون أنهم مصابون بها.
وقد يتملك الخوف بعضا آخر من المصابين لدرجة تحول بينهم وبين زيارة الطبيب خوفا من سماع أخبار سيئة، إلا أن المرض قد يكون أقل شدة لدى مجموعة ثالثة من المصابين، فمخاوفهم لا تتمكن من إجبارهم على اللجوء المتكرر إلى الأطباء لفحص صحتهم الجسدية. (البنا، 2006).
تشخيص توهم المرض:-
يشخص بمايلي :
1 – الانشغال بمخاوف ( أو فكرة ) من حدوث مرض خطير بناءً على سوء فهمه للأعراض الجسدية .
2 – الانشغال يستمر رغم التقييم الطبي المناسب والمطمئن .
3 – لا يصل الاعتقاد في ( 1 ) إلى درجة الوهم ( كما في الاضطراب التوهمي النوع الجسدي)، وليس محصوراً في انشغال حول المظهر الجسدي.
4 – الانشغال يسبب انزعاجاً أو خللاً اجتماعياً أو وظيفياً .
5 – مدة الاضطراب على الأقل ستة شهور .
6 – الانشغال لا يعد ضمن أعراض اضطراب القلق العام أو الوسواس القهري أو الهلع أو الاكتئاب الجسيم أو قلق الانفصال أو اضطراب آخر جسدي الشكل. (زهران، 1986)
ويجب أن يميز توهم المرض عن كل مما يأتي (التشخيص التفريقي):
1– مرض جسدي حقيقي: قد تكون بداية مرض جسدي حقيقي غامضة لا يمكن تفسيرها مثل التصلب المتناثر ( M . S ) أو اضطراب الغدد الصم ( الغدة الدرقية أو جارات الدرق) أو مرض يؤثر في أجهزة عديدة من الجسم مثل مرض الذئبة الحمامية الجهازية ( S . L . E) ،إلا أن وجود مرض عضوي حقيقي لا يلغي احتمال توهـم المرض كمصاحب له .
2– بعض الاضطرابات الذهانية مثل الفصام والاكتئاب الجسيم المصاحب بأعراض ذهانية: قد توجد فيها أوهام جسدية عن الإصابة بمرض، لكن نلاحظ أن الاعتقاد في توهم المرض لا يصل إلى درجة الأوهام، حيـث يمكن أن يقتنع الشخص أنه قد لا يكون مريضاً، وقد يصعب هذا التمييز في بداية الأمر.
3– في الاضطرابات الذهانية وعسر المزاج واضطراب الهلع واضطراب القلق العام واضطراب الوسواس القهري واضـطراب التجسيد قد توجد انشغالات توهمية مرضية، لكن نادرا ما يكون الانشغال بالأعراض التوهميــة لمدة طويلة في اضـطراب التجسيد ويوجد ميل للانشغال بالأعراض أكثر من الخوف من الإصابة بمرض معين، ولكن قد يشخص الاضطرابان معاً. (أبو حجلة، 2009).
قائمة المراجع والمصادر:-
1. زهران، حامد ، علم النفس العام ، الإنجلو المصرية ، القاهرة ، 1986م .
2. الحجار، محمد حمدي. تشخيص الأمراض النفسية. دار النفائس للنشر والتوزيع. 2004.
3. أبو حجلة، نظام. الطب النفسي التشخيص والعلاج. دار زهران للنشر والتوزيع. 2009.
4. زهران، حامد. الصحة النفسية والعلاج النفسي. عالم الكتب للنشر والتوزيع. 2004
5. الجاموس ، نور الهدى محمد (2004 ) ، الاضطرابات النفسية الجسمية ( السيكوسوماتية ) ، الأردن ، دار اليازوري.
6. البنا، أنور حمودة. الأمراض النفسية والعقلية. غزة. مكتبة جامعة الأقصى. 2006.