شخص يعاني من الفصام
الفـصام (او: الانفصام العقلي - Schizophrenia) هو اضطراب حاد في الدماغ يشوه طريقة الشخص المصاب به في: التفكير، التصرف، التعبير عن مشاعره، النظر الى الواقع ورؤية الوقائع والعلاقات المتبادلة بينه وبين المحيطين به. الاشخاص المصابون بمرض الفصام (وهو المرض الاصعب والاكثر تقييدا من بين جميع الأمراض النفسيه المعروفة) يعانون، بشكل عام، من مشاكل وظيفية في المجتمع، في مكان العمل، في المدرسة وفي علاقاتهم مع زوجاتهم / ازواجهن.
قد يسبب
مرض الفصام للمصابين به الخوف والانطواء على النفس. الفصام هو مرض مزمن، يلازم المصاب به طوال فترة حياته، لا يمكن معالجته، لكن يمكن السيطرة عليه بواسطة العلاجات الدوائية المناسبة.
وخلافا للفكرة الشائعة، فليس الفصام انفصاما في الشخصية، بل هو عبارة عن اضطراب نفسي (ذهان – Psychosis)، لا يستطيع الشخص المصاب به التفريق / التمييز بين الواقع وبين الخيال. وقد يحدث احيانا ان يفقد شخص مصاب باضطراب نفسي ارتباطه بالواقع.
يهيا للمصابين بمرض الفصام ان العالم المحيط بهم مركب من خليط كبير من الافكار، المناظر والنغمات. وقد يكون السلوك المميز للاشخاص المصابين بمرض الفصام غريبا جدا، بل مرعبا احيانا. التغيير المفاجئ الذي يحصل في شخصية المريض، او في سلوكياته، والذي يجعله يفقد اية صلة مع الواقع، يسمى "المرحلة الذهانية".
هنالك عدد من الانواع الفرعية لمرض الفصام، وهي تقسم حسب الاعراض المميزة لكل منها:
- فصام المطاردة (فصام بارانويدي / فصام زوراني - Paranoid schizophrenia): الاشخاص الذين يعانون من فصام المطاردة يكونون غارقين في اوهام عن انهم ملاحقون / مطاردون من قبل شخص اخر او طرف معين. ومع ذلك، تبقى طريقة تفكيرهم، كلامهم ومشاعرهم عادية جدا.
- فصام لا منتظم (Disorganized schizophrenia): الاشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام يعانون، في الغالب، من الشعور بالارتباك ومن مشاكل في الاتصال والتواصل مع الاخرين، كما يعانون من الكلام المتلعثم وغير الواضح. بنظرة من الخارج، يظهرون كانهم عديمو المشاعر والحساسية، ذوو سلوكيات غير ملائمة احيانا، يبدون صبيانيين وتصرفاتهم تبدو سخيفة تافهة. يظهرون سلوكيات مضطربة، مرتبكة وغير منظمة، قد تعيق قدرتهم على ادارة حياتهم اليومية بشكل سليم، مثل: وقت الاستحمام او اعداد الطعام.
- فصام جامودي (Catatonic schizophrenia): الاشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام تظهر لديهم اعراض جسدية واضحة ومميزة. فهم محدودون من حيث الحركة، غالبا، ولا يستجيبون للمؤثرات المختلفة التي يعج بها العالم من حولهم. وقد يصبح جسم الشخص المصاب بهذا النوع من الفصام، احيانا، صلبا ومتحجرا، فلا يرغب في مجرد محاولة الحركة، مطلقا. احيانا، يظهر الاشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام نمطا حركيا مميزا وغريبا، مثل تنفيذ حركات في الوجه او الميل الى البقاء في وضعيات غريبة. قد يكررون كلمة، جملة او تعبيرا معينا صدر عن شخص موجود بالقرب منهم في ذات الوقت. والاشخاص المصابون بالفصام الجامودي معرضون، بدرجة عالية، لان يعانوا من النقص الغذائي، من فرط الاعياء، كما يميلون الى ايذاء انفسهم.
- فصام لا متميز (Undifferentiated schizophrenia): هذا هو نوع فرعي من مرض الفصام يتم تشخيصه عندما تكون الاعراض التي يظهرها المريض غير واضحة تماما ولا تعبر عن اي من الانواع الثلاثة المذكورة انفا.
- فصام متبقي (Residual Schizophrenia): في هذا النوع الفرعي من مرض الفصام تكون اعراض المرض قد تقلصت. الهلوسة، الاوهام، او اية اعراض اخرى للمرض ما زالت موجودة (متبقية)، لكنها اخف مما كانت عليه في التشخيص الاولي للمرض.
أعراض الفصام
الاوهام و الهلوسة من الاعراض، التي تسمى احيانا الاعراض النفسية اعراض الفصام تتركب من عدة عوامل، بدءا من التغيرات التي تحصل في شخصية المريض وقدراته وحتى اظهار تغييرات في التصرفات وملاءمتها للاوضاع المختلفة. عند ظهور فصام للمرة الاولى يكون ظهور الاعراض فجائيا وحادا.
يمكن تقسيم الاعراض المشتركة لكل انواع الفصام الى ثلاث مجموعات اساسية: اعراض ايجابية، اعراض ارتباك وبلبلة واعراض سلبية.
الاعراض الايجابية للفصام:
في هذه الحالة، كلمة "ايجابية" لا تعني، بالضرورة، ان الاعراض جيدة، انما المقصود هو ان الاعراض واضحة وظاهرة للعيان وهي لا تظهر لدى الاشخاص الذين لا يعانون من الفصام.
هذه الاعراض، التي تسمى احيانا الاعراض النفسية (الذهانية)، تشمل:
- الاوهام (Illusions)
- الهلوسة (Hallucination)
- اعراض الارتباك والبلبلة الخاصة بالفصام
- اعراض الارتباك والبلبلة تعكس عدم قدرة الشخص المصاب بالفصام على التفكير الصافي والتصرف بترو وبتحكيم العقل
هذه الاعراض تشمل:
- تركيب جمل غير منطقية او استعمال كلمات غير ذات معنى، الامر الذي يصعب على الشخص المصاب بالفصام التواصل مع المحيطين به
- الانتقال السريع من موضوع الى اخر او من فكرة الى اخرى
- بطء في الحركة
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات
- الانشغال الزائد بكتابة عديمة المعنى
- ميل الى نسيان امور معينة او فـقد (اضاعة) اغراض
- تكرار حركات او ايماءات، مثل المشي ذهابا وايابا او المشي بشكل دائري
- صعوبات في التفكير بشكل منطقي وفهم ظواهر يومية، مثل: نغمات، ضجيج ومشاعر
الاعراض السلبية للفصام:
في هذه الحالة، كلمة "سلبية" لا تعني، بالضرورة، ان الاعراض سيئة، انما المقصود هو غياب الاعراض التي يمكن ملاحظتها عند الاشخاص المصابين بالفصام.
تشمل هذه الاعراض:
- انعدام الاحساس او التعبير عن المشاعر، افكار وحالات مزاجية لا تتلاءم مع الوضع القائم (مثلا، الاجهاش بالبكاء بدلا من الضحك عند سماع نكتة)
- الانسحاب من الحياة العائلية، حياة المجتمع والنشاطات الاجتماعية
- نقص في الطاقة
- نقص في الدافعية
- فقدان المتعة او الاهتمام بالحياة
- عادات صحة سيئة وعناية منقوصة
- مشاكل في الاداء الوظيفي، سواء في المدرسة او في مكان العمل او في نشاطات اخرى
- المزاجية (المزاج المتقلب – الحزن حتى الكتئاب او الفرح، او حالات مزاجية متقلبة)
- فتور الشعور (جمود) – حاله يبقى فيها الشخص في نفس الوضعية بشكل دائم لفترات زمنية طويلة جدا
أسباب وعوامل خطر الفصام
المسبب الدقيق للفصام لا يزال غير معروف، حتى الان. اما المعروف فهو ان مرض الفصام، مثل السرطان او السكري، هو مرض حقيقي له اساس بيولوجي. ولا ينشا مرض الفصام من جراء فشل تربوي من جانب الاهل او نتيجة ضعف في الشخصية.
وقد كشف الباحثون عن عدة عوامل قد يكون لها دور في تكون مرض الفصام، من بينها:
- الوراثة
- عمليات كيميائيه في الدماغ
- شذوذ (خلل) في بنية الدماغ
- عوامل بيئية
تشخيص الفصام
في حال ظهور اعراض قد تدل على وجود الفصام، يقوم الطبيب المعالج باجراء فحص جسماني شامل ويستعرض الماضي الطبي للمريض. وبالرغم من عدم توفر فحوصات مخبرية قادرة على تاكيد الاصابة بالفصام، الا ان الطبيب يستطيع اجراء عدد من الفحوصات المختلفة، مثل التصوير بالاشعة السينية (رنتجن X - Ray) او اجراء فحوصات دم مختلفة، وذلك بهدف نفي احتمال كون الاعراض ناجمة عن الاصابة بمرض اخر له نفس الاعراض، كالفصام.
في حالة عدم قدرة الطبيب على الكشف عن مرض اخر مسبب لظهور اعراض المرض، قد يقوم بتوجيه المريض الى الفحص لدى طبيب نفسي، معالج نفساني، او مختصين اخرين في مجال الصحة النفسية، الذين تلقوا التدريب المناسب لتشخيص ومعالجة الامراض النفسية المختلفة.
يجري الطبيب النفسي مقابلة اعدت خصيصا، وبادوات تقييم خاصة، بهدف تقييم الشخص وتحديد ما اذا كان يعاني فعلا من اضطراب نفسي. يحدد الطبيب المعالج تشخيصه وفقا لتقرير المريض حول الاعراض التي تظهر لديه. وبالاضافة الى ذلك، يقوم الطبيب بمراقبة المريض بهدف تشخيص تصرفاته. يحتم تاكيد التشخيص بان الشخص مصاب بمرض الفصام في حالة اظهار اعراض واضحة ومميزة للمرض لمده لا تقل عن ستة اشهر.
علاج الفصام
المعالجة النفسية قد تخفف حدة الفصام يهدف
علاج الفصام الى تقليل الاعراض، تخفيف حدتها وتقليص احتمال تكرار الفصام، او رجوع الاعراض من جديد.
تشمل معالجة مرض الفصام:
- المعالجة الدوائية (Medicine Therapy)
- المعالجة النفسية (Psychotherapy)
- التاهيل (Rehabilitation)، الذي يتركز في تطوير المهارات الاجتماعية والتدريب المحترف لمساعدة مرضى الفصام على الاندماج واداء مهامهم في المجتمع وعيش حياة مستقلة، قدر الامكان
- المعالجة النفسية الفردية، التي تهدف الى مساعدة المريض على فهم المرض الذي يعاني منه بطريقة افضل، ومساعدته على مواجهة المشكلة وتطوير وسائل لحلها
- المعالجة العائلية، التي تهدف الى مساعدة عائلة المريض على التعامل بشكل افضل مع شخص قريب يحبونه ومصاب بمرض الفصام، ومنحهم وسائل لمساعدته بافضل الطرق واكثرها نجاعة
- مجموعات الدعم والعلاج، التي تهدف الى توفير دعم متبادل على اساس ثابت
- الاستشفاء (العلاج في المستشفى - Hospitalization)
- المعالجة بالتخليج الكهربائي (بالصدمات الكهربائية - Electroconvulsive therapy - ECT)
- المعالجة الجراحية في نسيج الدماغ
العلاج بالصدمة الكهربائية
الوقاية من الفصام
لا يتوفر، حتى اليوم، علاج يمكنه منع ظهور مرض الفصام. لكن تشخيص مرض الفصام في مرحلة مبكرة واعتماد العلاج المناسب يمكن ان يقللا من احتمال تكرار النوبات ومنع الحاجة الى الرقود في المشفى. بالاضافة الى ذلك، يقلل هذا، ايضا، من تشويش حياة المريض العادية في كنف عائلته واصدقائه.