حلاوةُ الإيمان تضفِي على العبادات كلِّها لذّةً، قال أحدُ السّلف: "كلُّ مَلذوذ إنما له لذّة واحِدة إلاّ العبادة، فإنَّ لها ثلاثَ لذّات: إذا كنتَ فيها، وإذا تذكَّرتها، وإذا أُعطِيتَ أجرَها".
مَنْ ذاق حلاوةَ الإيمان ذاق لذّةَ الصلاة حين يؤدِّيها بخشوعٍ وحضور قلب، فتغدو الصلاة قرّةَ عَينه ونعيمَ روحِه وجنّةَ قلبه ومستراحَه في الدنيا، فما يزال في ضيقٍ حتى يدخلَ فيها؛ ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "أرِحنا بها يا بلال".
ولِقيام الليل عند الصحابة والتابعينَ والسلف منزلةٌ عظيمة ولذّة لا تبارَى، ها هو أحدُ المؤمنين يقول: "والله، لولا قيام الليل ما أحبَبتُ البقاء في هذه الدّنيا. والله، إنَّ أهلَ الليل في ليلِهم مع الله ألذّ من أهل اللّهوِ في لهوِهم"، ويقول: "إن كان أهلُ الجنّة في مثل ما أنا فيه إنهم لفِي نعيمٍ عظيم"، ويقول آخر: "ما بَقِي من اللّذاتِ في الدنيا إلاّ ثلاث: قيام الليل، ولقاءُ الإخوان، والصلاة في الجماعة".
والصيام- يتلذَّذ به السّلَف الصالحون أيّما لذَّة، أمّا الحجّ فإنَّ لذّته تدفع أصحابَه إلى ركوب المطايا وتجشُّم المشاقّ حنِينًا إلى البيت وشوقًا إليه، ولذِكرِ الله لذّةٌ وأيّ لذّة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والإنسانُ في الدّنيَا يَجِد في قلبِه بذكرِ الله وذكرِ مَحَامِده وآلائه وعبادَاتِه مِنَ اللّذّة ما لا يجِدُه في شيءٍ آخر". ثم هَل لقراءَة القرآن وتلاوته لذة؟! يشَخِّص حالَنا مع القرآنِ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بقوله: "لو طهرت قلوبُكم ما شبِعَت مِن كلامِ ربِّكم".
فهلاَّ سَعَينا -عبادَ الله- بعملٍ مخلَص ومثابَرَة جادّة لنذوقَ حلاوةَ الإيمان ونعيشَ طعمَ الإيمان، قال تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) [الإسراء:19].
ألا وصلوا –عباد الله- على رسولِ الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد عليه الصلاة والسلام