ابتسم وستربح كثيراً ... !!
التبسم وطلاقة الوجه آية من آيات الله تعالى ونعمة ربانية عظيمة، إنها سحر حلال تنبثق من القلب و ترتسم على الشفاه فتنثر عبير المودة ، وتنشر نسائم المحبة وتستلّ عقد الضغينة والبغضاء لتحل ّ الألفة والإخاء ..
عن "عبد الله بن الحارث" قال: "ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم)( روى الترمذي) .. وفي صحيح مسلم قال - صلى الله عليه وسلم: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" ويقول جرير بن عبدا لله البجلي رضي الله عنه وهو يحدثنا عن تبسمه صلى الله وعليه وسلم في وجوه أصحابه فقال : " ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي" (رواه البخاري) .. والإبتسامة عبادة وصدقة، ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) (رواه الترمذي ) .. ويأتي إليه الأعرابي بكل جفاء وغلظة، ويجذبه جذبة أثرت في صفحة عنقه،ويقول: "يا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ ثُمَّأَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" (صحيح مسلم).. بل حتى مع شدة عتابه صلى الله عليه وسلم للذين تخلفوا عن غزوة تبوك،لم تغب هذه الابتسامة عنه وهو يسمع منهم، يقول كعب رضي الله عنه بعد أن ذكر اعتذار المنافقين وحلفهم الكاذب: "فَجِئْتُهُ فلمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ" صحيح مسلم والبخاري.وكان بعض الصحابة يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم ... ... و كان رسول صلى الله عليه وسلم يبتسم وهو ينظر إلى مستقبل هذه الأمة وحتى وهو في منامه فعن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم فقلت : ما أضحكك ، قال: أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة, قالت : فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها ... " [ البخاري ]..
بل لم تنطفئ هذه الابتسامة عن محياه الشريف، وثغره الطاهر حتى في آخر لحظات حياته، وهو يودع الدنيا صلى الله عليه وسلم يقول أنس كما في الصحيحين: "بَيْنَمَا المُسْلِمُونَ في صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلَّا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ صلوات ربي وسلامه عليه"
فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الإلفة وكثرت فيه الصراعات وما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته والزوجة في وجه زوجها في زمن كثرة فيه المشاكل الإجتماعية فلا ترى إلا عبوس الوجه وتقطيب الجبين وكأنك في حلبة صراع من أجل البقاء وما أحوجنا إلى تلك الإبتسامة من مدير في وجه موظفيه فيكسب قلوبهم ويرفع من عزائهم بعيداً عن العنجهية والتسلط والكبرياء ... و ما أحوجنا إلى الإبتسامة الصادقة من ذلك الحاكم والمسئول في وجه من يقوم برعايتهم وخدمتهم من غير ما خداع أو كذب أو تزوير، أو وعيد أو تهديد فتحبه قلوبهم وتلهج بالثناء الحسن والدعاء له ألسنتهم ... و ما أحوجنا إلى الإبتسامة من ذلك التاجر فيكسب القلوب وتحل عليه البركة ويكثر رزقه وتدركه رحمة ربه فقد روى البخاري دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة حيث قال:" رحم الله عبدا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا قضى سمحا إذا اقتضى ).. وفى رواية بشره بالمغفرة حيث يقول صلى الله عليه وسلم :" غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا اقتضى ) (صحيح الجامع 4162) ... بل يقول الصينيون في حكمة يرددونها :- ( إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح متجراً ) .. طلب عمال إحدى المحلات التجارية الكبرى فى باريس رفع أجورهم فرفض ذلك صاحب العمل فما كان من عماله إلا أن اتفقوا أن لا يبتسموا للزبائن كرد فعل على صاحب المحل .. فكانت النتيجة أن انخفض دخل المحل فى الأسبوع الأول حوالى 60% عن متوسط دخله فى الأسابيع السابقة ..
فانظر أثر عبوس الوجه وصدق الله العظيم الخبير بالنفوس حين قال ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران 159)