يحرص الإسلام على النظام في حياة المسلم بشكل عام، وعلى النظام في العبادة بشكل خاص، فتحضُّ الشريعة على أن تؤدى العبادات بالطريقة التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتزم بها كل مسلم تمامًا، فيخرج الشكل العام للمسلمين شكلًا جميلًا مُنَظَّمًا لافتًا للنظر، ومن أبلغ الأمثلة على ذلك انتظام صفوف الصلاة، ولهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسوية صفوف الصلاة قبل البدء فيها، وهي مهمة الإمام والمأمومين معًا، وعليهم جميعًا أن يلتزموا بها.
وقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على حضِّ المسلمين على ذلك، مرة بالترغيب، وأخرى بالترهيب، وذلك لأهمية الأمر وخطورته، فقد روى البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».
وروى البخاري عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي»، وروى مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ.
وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا»، وروى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَزَّ»، قُلْنَا وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟، قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ»، فهذه كلها نصوص تحضُّ على هذه السُنَّة الجميلة، فلنحرص عليها، ولْنلتزم بها، ولْنطلب الأجر فيها،
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].