أيها الشاب.. هذه دعوة إليك!
إلى من ملّ السير في طريق الهلاك وطريق الغواية.. إلى من تدعوه نفسُه المطمئنة إلى الطاعة وتُزيّن له نفسه الأمّارة بالسوء الذنوب والمعاصي.. إلى من تمكّن منه الشيطان..
أيها الشاب هذه كلمات صادقة، راجياً من الله أن تمسّ حروفها شغاف قلبك..
إنني أعرف فيك خيراً كثيراً، فاسمح لي أن آخذك بعيداً بمفردك عن طيش الشباب وشهوات النفس، بعيداً عن وسائل الفساد والضياع، بعيداً عن المعاصي والآثام، بعيداً عن رفقاء السوء، بعيداً عن المضللين والمضلين والمخادعين، بعيداً عن كل المؤثرات والمنغصات..
أين الآباء والأجداد..! وأين الكثيرون من الأهل والأحباب؟! بل كيف تُجيب ربَّكَ يوم تقف بين يديه حافي القدمين، عاري الجسد، شاخصَ البصر؟ بل كيف تُجيب الملَكيْن عندما يَحُثا عليك التراب، ويفارقك الأهل والأصحاب، عندما تكون في ضيق اللّحد! ومراتع الدود!، فلا أم تؤانسك ولا صديق يخاطبك ويمازحك؟
ستجد الجواب مصحوباً بدموع الحزن... وأزيز القلوب على الفراق، هم تحت طيات الثرى والتراب؟! نعم هذا هو المآل... وهذا هو المصير...؟!
إذاً.. لا بد من وقفة صادقة مع النفس وقفة محاسبة ومساءلة، فوالله لتمُوتَن كما تنام، ولتبعثن كما تستيقظ، ولتجزين بما تعمل، فجنة الخلد للمُطيعين، ونار جهنم للعاصين.
من غرّه شبابه فنسي فقدان الأقران، وغفل عن سرعة المفاجآت، وتعلق بالآمال والأماني فما هي والله إلا أوهام الكسالى، وأفكار اللاّهين، وما الاعتماد عليها إلا بضائع المغبونين، ورؤوس أموال المفاليس.. والتمني والتسويف إضاعة للحاضر والمستقبل.
إنك الآن في مقتبل عمرك وفي سن الشباب والقوة والفراغ، وقد اغتر كثيرٌ من الشباب بهذا السن فقالوا: دعونا نمتع أنفسنا في شبابنا، وسوف نتدارك ذلك إذا تقدمت بنا السن ونسوا أن الموت يأتي في أي لحظة.
هل أكثر شبابنا اليوم سعداء؟
الجواب: لا! ولو تأملت في أحوال الكثير منهم لوجدتهم على حال سيئة، وإن رأيت منهم الابتسامة والضحكة؟!
ولو سألت أحدهم: هل أنت سعيد في حياتك؟ وهل ضحكك ومزاحك مع الآخرين نابع من سعـادة حقيقية؟!
لردّ عليك بقوله: والله لولا ما أتناسى ما أنا فيه لرأيتني مرمياً على الأرض لا أستطيع الوقوف من ثقل ما أحمل من هموم الدنيا، نعم هذه الحقيقة.. وأي هموم يحملونها؟! هموم هذا الدين والدعوة إليه؟ أم هموم القدس وتدنيس اليهود لها؟! أم هموم الأمة الإسلامية وتكالب الأعداء عليها؟!.. ولو سألته أين توجد السعادة؟ وهل بحثت عنها؟ لقال لك: لا سعادة في هذه الدنيا أبداً، ولقد بحثت عن السعادة في كل مكان ولم أجدها!
ولو سألته عن حاله وحال رفقائه الشباب لقال: صدور ضيقة، وأموال ضائعة، وتصرفات طائشة، وسهرات دائمة، وجلسات فارغة، ولا نعرف لنا قيمة ولا لحياتنا معنى ولا يقدرنا أحد، ونكره أنفسنا دائماً ونتمنى الموت من ضيق ما نحن فيه! لماذا هذا كله؟!.
أتعلم لماذا شبابنا لم يجدوا السعادة؟
لأنّهم بحثوا عن السّعادة في اللهو والطرب والسّهر والدخان والمخدرات والأفلام وصفحات الإنترنت المشبوهة والمجلات الخليعة الماجنة و...؟ فلم يجدوها! بحثوا عن السعادة في غير محلها، بحثوا عنها في المحرمات بشتى أنواعها فلم يجدوها ولن يجدوها! لأن الله يقول عز وجل: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"، فهم بعيدون عن الله ويبحثون عن السعادة؟ فكيف يجدونها وقد هجروا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهما السعادة والنجاة، نعم هذا هو حال شبابنا اليوم.
إذاً، أين توجد السعادة؟
لكي نجيب على هذا السؤال أقرأ قوله سبحانه وتعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة".
فاعلم رحمك الله أن السعادة الحقيقية هي السعادة الداخلية سعادة القلب وبهجته، ولن يكون هذا أبداً إلا في التقرب إلى الله والالتزام بتعاليم دينه... ذلك الدين الذي تخلى عن صدق تطبيقه كثير من الشباب.. وأملنا أن يعودوا لرحابه، ففيه كل الطمأنينة والفرح والسرور.
قـال تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئـن القلوب".