"واقع كثير من الناس تجاه المعاصي القلبية"
المعاصي القلبية
كثير من الناس يغفلون عن تلك المحرمات القلبية علمًا وعملاً ومن ثم لا يستحضرونها عند تجديد التوبة من الذنوب وقد نبه إلى هذا أطباء القلوب من علماء الأمة . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (واعلم أن كثيرًا من الناس يسبق إلى ذهنه من ذكر الذنوب : الزنا والسرقة ونحو ذلك، فيستعظم أن كريمًا يفعل ذلك ، ولا يعلم هذا المسكين أن أكثر عقلاء بني آدم لا يسرقون، بل ولا يزنون، حتى في جاهليتهم وكفرهم... ولكن الذنوب تتنوع وهي كثيرة الشعب، كالتي من باب الضلال في الإيمان، والبدع التي هي من جنس العلو في الأرض بالفساد، والفخر والخيلاء والحسد والكبر والرياء، التي هي في الناس الذين هم متفقون على ترك الفواحش)، وكذلك الذنوب التي هي ترك الواجبات : كالإخلاص والتوكل على الله، ورجاء رحمته، وخوف عذابه، والصبر على بلائه، والصبر على حكمه والتسليم لأمره، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوه) (مختصر الفتاوى المصرية)، ونتيجة لهذا الجهل وتلك الغفلة، قد يتلطخ القلب بأدناس المعاصي، وصاحبه سادر، يقول ابن القيم : (وأكثر المتنزهين عن الكبائر الحسية والقاذورات في كبائر مثلها أو أعظم منها أو دونها، ولا يخطر بقلوبهم أنها ذنوب، ليتوبوا منها ! فعندهم من الإزراء على أهل الكبائر، واحتقارهم، وصوله طاعاتهم ومنتهم على الخلق بلسان الحال ، واقتضاء بواطنهم لتعظيم الخلق لهم على طاعاتهم، اقتضاء لا يخفى على أحد غيرهم، وتوابع ذلك ما هو أبغض إلى الله وأبعد لهم عن بابه من كبائر أولئك ).
وإنه ليخشى أن يكون للغافل عن المعاصي القلبية نصيب من قوله تعالى : " وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"، وتلك المعاصي تمرض القلب (ومرض القلب وشفاؤه أعظم من مرض الجسم وشقائه).