"ما ينبغي لصاحب الستين فما فوق"
إن المرء المسلم ينبغي له أن يكون على ما يحبه الله تعالى في كل وقت، شابا كان أو شيخاً، لكن الأمر أكثر تأكيدا في حق كبير السن،
لقد ذهب أكثر العمر في شأن الدنيا ولم يبق إلا القليل جداً من العمر فلنجعله أو أكثره في شأن الآخرة، فإنها والله الحياة الحقيقية كما قال تعالى : "وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ" والمعنى : (لهي دار الحياة التي لا موت فيها، ولا تنغيص يشوبها كما يشوب الحياة الدنيا) ولأن الغالب (أن الشيخ قد حفظ العلوم والتجارب الكثيرة ومارس الأمور ودربها وكثرت تجاربه، وهذه الأحوال تعينه على وجوه الفكر وقوة النظر، فقامت مقام النقصان الحاصل بسبب ضعف البدن والقوى) (الروح)، فإن المطلوب منه تجاه الآخرين : بذلُ الرأي الحسن والمشورة الصادقة والتعليم النافع لمن دونه، فذلك منتظر منه أكثر من غيره أما تجاه نفسه : فالاجتهاد في الذكر والاستغفار وألوان العبادة وملء الوقت بها مطلوب أكثر ممن هو دونه في السن . ولئن كان يطلب كل ذلك ممن بلغ هذا العمر فإنه لا يعني التبتل وترك الدنيا تماماً، فإن ذلك مخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولكن المطلوب مزيد عناية بأمر الآخرة الباقية، والتخفف من الدنيا العاجلة الفانية، جاء عند البخاري أن صلى الله عليه وسلم قال : "لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين : في حب الدنيا، وطول الأمل"، وقال : "يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان : حب المال وطول العمر"، وعند مسلم : "يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان : الحرص على المال والحرص على العمر".