خير الناس أنفعهم للناس...
أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك، يمهد لخير كبير يسود المجتمع، فالإنسان المحب كالعدوى التي تنتشر بين الآخرين، فتصبح طائفة تحب الخير لغيرهم، وتنتشر الطائفة في المجتمع، ويصبح المجتمع كلّه محب للغير، فتقيم نفسها بنفسها دون الحاجة للآخرين.
ولا أمر يدل على مدى إيمان المرء بربه، أكثر من أن يحب لغيره ما يحب لنفسه من خير، فيدعو لإخوانه بالخير الذي يدعو لنفسه، وبالهدى والتقى والعفاف والرحمة، ويستغفر لهم ربهم حتّى يهديهم ويهتدي بهم.
ومن طرق حب الخير للناس، أن يقوم الفرد المسلم بالسؤال عن حالهم والاطمئنان عليهم ومعرفة مستجداتهم ومعاونتهم ومساعدتهم عند الشدائد والمصائب، كأن يقوم الجار الغني بإعطاء الفقير نصيب من دخله الشهري، ويطعمه ويتفضل عليه ممّا فضل الله عليه، فهو مدرك بأنّه مستخلف في هذه الأرض، وعليه أن يؤدي واجباته وأمانته.
وأن يدعو لكل من يعرف من المسلمين وغير المسلمين، في ظهر الغيب بالصلاح والهداية وحسن العمل، حيث يكلف الله مَلكًا يرد على الداعي قائلًا ولك بالمثل، فهذا من حسن الثواب من الله تعالى عز وجل.
وحب الخير سبله عديدة لا تنتهي، فأسهلها تقديم النصيحة الجيدة والمشورة الحسنة لمن يعاني من معضلة أو شائكة في أمر من أمور حياته، فتعمل النصيحة على هدايته للسبيل الصحيح، وتعينه المشورة على اختيار قرار أفضل، وإن كان هذا من أسهل الأمور التي بوسع أي إنسان أن يقوم بها.
وأن يدخل السرور على قلب مؤمن ويفرحه بسعادة في وقت حزن وهم أمرٌ عظيمٌ، له أثرٌ في النفس يبقى ويدوم إلى زمن بعيد، كما أنّ الآخر لا ينسى هذه المواقف، كما لا ينسى من يقف إلى جواره بالمواقف الحياتية الصعبة.
وإن من حب الخير أن تقوم على إعانة الضعيف ومساعدته حتّى يقوى، فالقيام بواجب نحو مريض لا يملك ثمن العلاج هو خير له ولك، والقيام بالتبرع بالثياب القديمة أو الجديدة للفقراء والمحتاجين أمر جيد لك خير لغيرك.
وغير هذا الكثير، فباستطاعة الإنسان فردًا أو جماعة، التعبير بطرق عديدة ومبتكرة عن حب الخير للناس وللمجتمع، من خلال إنشاء مبادرات تقوم بعمل نشاطات مجتمعية تعود بالخير على الناس كافة، كحملات تنظيف الشوارع وإقامة الفعاليات الخيرية، وجمع التبرعات للمحتاجين، وإقامة المهرجانات الترفيهية للأيتام، والرحلات الاستجمامية لهم، وإعانتهم نفسيًا كي ينسوا فقدهم لذويهم.
وأجلُّ الأمور أن يسخّر الإنسان طاقته لإفادة غيره من الناس ممّا متّعه الله به من صحةٍ وقوةٍ وعلمٍ ودرايةٍ وخبرةٍ، فينشر علمه وخبرته إلى أكبر مجموعة من الناس التي تحيط به، فيكون بعيدًا عن لجام النار يوم القيامة، ذلك من ستر علمًا عن الناس عاقبه الله بلجام من نار يوم الحساب والعذاب.
وإن تفكر الإنسان في الخير ليراه كثيرًا، ويحتار في انتقاء سبيلًا من سبل الخير، ليعبر فيها في الحياة الدنيا، فتكون ممرًا يوصله لجنة يوم القيامة والآخرة.