لنتعلم من الفشل والفاشلين !!
كلنا مر بتجارب عديدة في الحيـاة، ســواء على المستـوى الإنسانـي الاجتماعـي أو العـملي أو المالي أو غيرها من مجـالات.. نفشــل فـي بعضها وننجح في البعض الآخـر، وقديماً قالوا: ليس الفخر ألا تسقط، ولكن الفخر أن تنهض كلما سقطت.
إن أي ناجح تراه اليوم، لا يجب أن تتسرع وتظن بك الظنون أنه نجح من الخطوة الأولى، بل هو شخص ذاق الفشل ومرارته حتى تمكن من حل معادلة النجاح، فاستمر وظهر ونجح حتى عرفت أنت وأنا وذاك عنه وعن نجاحاته، ولكننا لم ننظر إلى المرحلة التي سبقت نجاحه وكيف عاشها، وهي على الأغلب فترات خافية لا تظهر سريعاً ولا الأضواء تتقبلها، ويمكن اعتبارها كفترات تدريب قاسية من أجل ظهور قوي يلفت الأنظار قبل الأضواء، أو هكذا يجب أن تكون معالجة الفشل والإخفاق .. من القصص التي تُروى في موضوعات الفشل والفاشلين أو النجاح والناجحين، قصة الرئيس الأميركي ترومان، حيث كان قد تعرض لأزمة ديون أغرقته وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، وكان ذلك عام 1922.. لكنه صبر وقاوم، وبذل من الجهد سنوات عديدة للخروج من أزمته وعدم الركون والاستسلام لعواقب تلك المشكلة وأبرزها السجن. . خلال تلك الفترة انتعشت حياته من جديد وتخلص من أزمته، بل أكثر من هذا أصبح رئيساً عام 1945 لأقوى إمبراطورية ظهرت على وجه الأرض.. رئيس الولايات المتحدة الأميركية.
تولى ذاك المديون، الذي عاش فترة دون عمل، أهم وأعلى منصب يمكن أن يصله إنسان اليوم. تخيل لو أن النموذج الذي نتحدث عنه وقد استسلم للفشل، واعتبر أن حياته قد انتهت تقريباً، وأنه لا مجال أمامه للخروج من عذابه سوى الإعلان عن الإفلاس وعدم المقدرة على سداد الديون، ويرضى بذلك أن يقبع في غياهب السجون سنوات طوالاً.. لو استسلم للفشل ، أكان يمكنه الوصول إلى أهم منصب في العالم ؟ البعـض منا ، ما إن يخفق أو يفشل في أول تجربة، تجده يرتبك ويصل سريعاً إلى حالة الإحباط، وكأن الحياة قد انتهت أو شارفت على الانتهاء، فلا يعيد الكرّة والمحاولة، لكن هناك بعضٌ آخر لا يستسلم سريعاً، لأنه يدرك أن الإخفاق في عمل ما، إنما هو نتيجة سوء تقدير منه، أو عدم حل معادلة النجاح لذاك العمل بشكل صحيح، فيعيد المحاولة تلو الأخرى، كما لو أنه أمام مسألة في الرياضيات، إذ لا يمكن أن يصل للإجابة الصحيحة إلا وفق قوانين صارمة دقيقة لا مجال في التحايل معها أو تجاهلها،. هكذا هي قوانين الحياة.. كلما كنت دقيقاً في اتباعها بالشكل الذي وضعه الخالق جل وعلا، أنجزت وحققت النجاحات أو توصلت للحلول الصحيحة لمعادلات الحياة المتنوعة، وليكن قدوتنا في عدم اليأس والركون إلى مشاعر الفشل المحبطة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي عانى الكثير قبل أن يتلقى الدعم الإلهي ومن ثم البشري، فيحقق ما لم يحققه أي نبي ورسول قبله.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.