سماحة الإسلام في وصايا الرسول.. من سألكم فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه
من نظر فى وصايا الرسول "صلى الله عليه وسلم" بعقله وقلبه أبصر فيها سماحة الإسلام فى أسمى درجاتها وأرقى معانيها.
فعن ابن عمر –رضي الله عنهما– عن النبى "صلى الله عليه وسلم" قال: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه).
-هذه الوصية الغالية تدعونا إلى التأدب مع الله عز وجل، والتأدب مع الله من أعظم المقامات التى يرتقي إليها الراسخون في العلم، ومن خلاله يكون الأدب مع الناس؛ لأن العبد إذا عرف الله بأوصافه الكمالية على قدر طاقته البشرية عرف ما يحبه الله، فأتى به على أكمل وجه، وعرف ما يبغضه فاجتنبه، حياءً منه وطاعة له، وابتغاء لمرضاته وطمعًا فى عظيم فضله وواسع رحمته.
وإذا أردنا أن نعرف الأدب مع الله قلنا: إنه المراقبة التامة لله فى جميع الأقوال والأفعال بقدر الطاقة البشرية، بحيث لا يراك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك.
وأما التأدب مع الناس النابع من الأدب مع الله، فهو أن تطيع الله فيهم إن عصوه فيك.
- ومعنى قوله "صلى الله عليه وسلم": (من استعاذ بالله فأعيذوه)، أنه من لاذ بالله واعتصم به منكم فأجيروه، تأدبًا مع الله عز وجل، ورحمة به وعطفًا عليه بأهله، وقدوة لغيركم فى هذا، فهو نوع من التجمل المحمود فى أغلب الأحوال، وفيه ما فيه من إظهار سماحة الإسلام بالفعل لا بالقول فحسب، فإن المسلم ينبغى أن يعطي المثل من نفسه في الصبر والجلد وقوة التحمل، والعفو عند المقدرة.
- وغالبًا ما يكون هذا المستعيذ ممن يستحق الرحمة لعجزه عن المقاومة، أو ضعفه عن تحمل ما أصابه، وربما يكون اعتصامه بالله ناشئًا عن ميله إلى السلم وبغضه للشقاق، وحبه للوفاق، وشعوره بالندم، وعزمه على التوبة النصوح.