ما لكم لا ترجون لله وقارا
من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقير....
ما لكم لا ترجون لله وقارا فإنك توقر المخلوق وتجله أن يراك في حال لا توقر الله أن يراك عليها، قال تعالى: "ما لكم لا ترجون لله وقارا"، أي لا تعاملونه معاملة من توقرونه و التوقير العظمة، و منه قوله تعالى: "و توقروه"، قال بعض السلف ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحي من ذكره فيقرن اسمه به كما تقول قبح الله الكلب و الخنزير و النتن و نحو ذلك فهذا من وقار الله، و من وقاره أن لا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ بحيث تقول والله و حياتك، مالي إلا الله و أنت، و ما شاء الله و شئت، و لا في الحب والتعظيم و الإجلال و لا في الطاعة فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله بل أعظم كما عليه اكثر الظلمة والفجرة و لا في الخوف والرجاء و يجعله أهون الناظرين إليه و لا يستهين بحقه ويقول هو مبنى على المسامحة، و لا يجعله على الفضلة و يقدم حق المخلوق عليه، و لا يكون الله و رسوله في حد و ناحية و الناس في ناحية وحد فيكون في الحد والشق الذي فيه الناس دون الحد والشق الذي فيه الله ورسوله
و لا يعطي المخلوق في مخاطبته قلبه و لبه ويعطى الله في خدمته بدنه ولسانه دون قلبه و روحه و لا يجعل مراد نفسه مقدما على مراد ربه فهذا كله من عدم وقار الله في القلب و من كان كذلك فإن الله لا يلقى له في قلوب الناس وقارا و لا هيبة بل يسقط وقاره و هيبته في قلوبهم وإن وقروه مخافة شره فذاك وقار بغض لا وقار حب و تعظيم.
و من وقار الله أن يستحي من اطلاعه على سره وضميره فيرى فيه ما يكره و من وقاره أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس و المقصود أن من لا يوقر الله و كلامه و ما آتاه من العلم و الحكمة كيف يطلب من الناس توقيره و تعظيمه و القرآن و العلم و كلام الرسول صلات من الحق و تنبيهات و روادع و زواجر واردة إليك و الشيب زاجر و رادع و موقظ قائم بك فلا ما ورد إليك وعظك ولا ما قام بك نصحك.