هل من رجحت حسناته على سيئاته يدخل الجنة من أول وهلة؟
السؤال: سمعت أن من طغت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن طغت سيئاته على حسناته دخل النار، كيف يكون ذلك والمؤمن وإن كانت سيئاته أمثال الجبال يدخل الجنة؟
من رجحت حسناته على سيئاته الجواب:لا يقال: من طغت حسناته على سيئاته، أو سيئاته على حسناته، بل يقال: من رجحت حسناته، أو رجحت سيئاته؛ لأن هذا المعنى يتعلق بوزن الأعمال، كما قال سبحانه: "وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ"، ودلت النصوص على أن من رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة من أول وهلة، وأما من كان له سيئات ترجح على حسناته فإن كان من أهل التوحيد فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، ثم يخرجه من النار، ويدخله الجنة، ومن لم يكن من أهل التوحيد فإنه لا يعتد له بشيء من الحسنات، فإن سيئة الكفر والشرك تحبط جميع الأعمال كما قال تعالى: "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"، فالمؤمن الموحد إن كانت له ذنوب قد يعذب في النار، ثم يخرج منها، ولا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد كما تواترت بذلك السنة، ومهما كانت الذنوب التي دون الشرك عظيمة وكثيرة فإنها لا تبطل حسنة التوحيد ولا توجب الخلود في النار، بل ولا يلزم منها دخول النار، لأنها تحت مشيئة الله، فمن شاء الله أن يغفر له لم يدخل النار ومن شاء أن يعذبه من أهل التوحيد لم يخلده في النار؛ بل يخرجه منها بشفاعة الشافعين من الملائكة والأنبياء والصالحين، وأعظم ذلك شفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم- لأمته ويخرج الله أقواماً من أهل التوحيد من النار بمحض رحمته وهو أرحم الراحمين.
وأما من مات على الشرك والكفر فإنه مخلد في النار، كما قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ"، فهؤلاء هم أهل النار الذين لا يموتون فيها ولا يحيون، نعوذ بالله من النار ومن حال أهل النار.