حكايه الاستاذ ايهاب

جلس الاستاذ ايهاب يحتسى فنجان القهوه التى اعتاد على احتسائها صباحا


منذ فتره طويله على قهوه المعلم حسنين
كانت القهوه تقع فى منطقه شعبيه يفصلها شارعين كبيرين عن ميدان هام فى مدينته الصغيره
ورغم ان مكان عمله يبتعد عن القهوه الى حد ما
الا انه اختارها لاحتساء قهوته الصباحيه لرخص اسعارها
كان يحتسى فنجانه ببطئ وقد علت وجه نظره شارده
وسرح بخياله فى الذكريات التى لا تفارقه حتى فى نومه
ذكريات هذه الارض الوقف
والتى رفع والده الراحل عشرات القضايا
حتى يستطيع التصرف فيها
يتذكر كلام امه رحمه الله عليها
وهى تحلم باليوم التى ستنزع عن هذه الارض الحراسه
والاموال التى ستتدفق على العائله
جراء بيع هذه الارض
وها هو والده توفاه الله
وتبعته والدته
وها هو قد مر من عمره 35 عاما
ولم يتزوج
ولن يستطيع ابدا الا بعد الحصول على ثمن هذه الارض بعد ان يبيعها
والى الان
مازال شهريا يقسم راتبه الصغير
على ايجار الشقه الصغيره التى تتكون من غرفه صغيره وصاله اصغر
وجزء لقهوه المعلم حسنين
فهى نافذته على العالم
وجزء للطعام
وجزء للمحامى الاستغلالى
الذى لا يمر عليه يوم الا ويطلب بعض الطلبات المبالغ فيها احيانا
حتى يخيل لايهاب انه سياتى يوم يطلب منه فيه اصبع من قدم كتكوت براسين او امعاء نمله عانس
او سنه من فم سحليه داس عليها قطار
فالمحامى يطلب طلبات غريبه مثله مثل اى دجال لا يوجد عنده ضمير ولا رحمه ولا شفقه
فجاه انتزعته من افكاره رنات هاتفه المحمول المتهالك
وظهرت على شاشته الصغيره اسم هشام المحامى
قطب الاستاذ ايهاب حاجبيه
واغلق الهاتف على المحامى
واتصل هو به كما كان يطالبه دائما
رد عليه هشام وفى صوته رنه حزن
وهو يقول
لقد تم حجز القضيه للنطق بالحكم
غداااا
جهز حالك وحاول ان تحضر الجلسه غدا
لم يصدق الاستاذ ايهاب نفسه
وانقبض قلبه بشده ما بين الفرح والترقب
ولا احد يدرى الى الان كيف انتهى يوم الاستاذ ايهاب
كيف ذهب الى منزله
كيف نام
المهم انه تواجد امام المحكمه منذ السادسه صباحا
وفى حوالى الساعه العاشره صباحا
ظهر المحامى هشام
امام باب المحكمه
فجرى عليه الاستاذ ايهاب
وهو يقول صباح الخير متر هشام متوقع خير للقضيه ان شاء الله
نظر له بوجوم وهو يشعر كمن فقد عزيز
فبانتهاء القضيه
سيتم غلق باب مفتوح للحصول على المال
وقال انت ونصيبك بقى
المهم دعونا لا نغوص فى تفاصيل ممله
فالحمد لله انتهت القضيه وحصل الاستاذ ايهاب على الارض
وباعها بعد ان توسط الاستاذ هشام المحامى الذى حصل مثل العاده على مبلغ كبير من المال
وها هو الاستاذ ايهاب يحمل حقيبه كبيره مملوءه بالنقود
وانطلقت خيالاته السعيده الى اقصى حد وهو يركب التاكسى
حتى توقف تفكيره امام احد اقاربه
والذى طالما ما كان يسخر منه ويقول له انك تجرى وراء سراب
كما اضاع المرحوم والدك عمره فى هذا الوهم
انتفخت اوداج ايهاب وهو يحتضن حقيبه النقود
وطلب من سائق التاكسى
ان يعدل من مسار سيارته
واعطاه عنوان قريبه المستفز
ولا احد يعلم لماذا قرر ايهاب الذهاب
الى هذا الشخص الان
هل من اجل استفزازه
ام من اجل اثبات ان الصبر دائما ما يكون مفتاح الفرج
المهم انه كان سعيد جدا وهو يصعد درجات السلم
ويدق جرس الباب
على قريبه
مرت حوالى الخمس دقائق حتى استجاب ادهم وكان هذا هو اسمه
وفتح الباب ببطئ شديد
ونظر ادهم لايهاب فى لا مبالاه
ولم يدعه حتى للدخول
وتركه ودخل وجلس على جهاز الكمبيوتر تبعه
دلف ايهاب الى المنزل وقد علت الدهشه وجهه
فادهم اه مستفز الا انه لم يكن فى اى وقت من الاوقات قليل الذوق هكذا
قال ايهاب موجها حديثه لادهم ما بك يا رجل
لماذا اراك حزينا هكذا
رفع ادهم راسه التى تشعر عندما تتاملها
انها لم تعرف ما هيه الماء منذ عشرات السنين
فشعره يرسم لوحه تجعيديه سيرياليه لبيكاسو
فلا تجد شعره بجوار اختها ابدا
وتجد وجهه انتشرت فيه شعيرات صغيره كالشوك فى قلب الصحراء
حتى نظارته الطبيه لا تجد شكل العدسات الامع الشفاف المتعارف عليه
بل عباره عن عدسات غزاها الاهمال
فاصبحت معتمه كما لو انها زجاج فاميه لسياره مش عدسات نظاره
وقال ادهم فى بطئ لقد حانت النهايه يا ايهاب
قال ايهاب بقلق
نهايه من ولماذا هل انت مريض يا اخى
قال ادهم بسخريه مريره
انها ليست نهايتى انا يا ايهاب
انها نهايتنا كلنا
اتسعت عين ايهاب بذعر
واحتضن حقيبته بقوه
وهو يقول له كيف يا رجل لماذا تقول مثل هذا الكلام
قال ادهم بنفس اللهجه المنكسره
انت تعلم انى اعشق الفضاء
واتابع جميع الابحاث التى تخصه
ثم اننى اذهب كثير لصديق لى فى مرصد حلوان
قال ايهاب نعم اعرف كل هذا ما الجديد
نظر له ادهم فى شفقه
واكمل حديثه وهو يقول
انت تعلم ان الكون قد بدء ككتله واحده
وحدث منذ ملايين السنين انفجار هائل
تكونت من بعده المجرات
والنجوم والكواكب
ومنذ هذه اللحظه فالكون دائم التمدد
قال له ايهاب بقلق
اتركك من التفاصيل العلميه واختصر من فضلك
اكمل ادهم حديثه كانه لم يسمع ايهاب وهو يقول
ولقد حدث منذ يومين الشئ الذى كان يرعب علماء الفلك منذ الازل
لقد توقف الكون عن التمدد
انقبض قلب ايهاب بقوه وهو يحتضن حقيبه النقود
وقد بدء يشعر بقلق شديد
وقال يا نهار اسود؟؟
قلب ادهم شفتيه فى شفقه وهو يقول
ولقد بدء الكون فى الانكماش
وده معناه ان تتصادم الكواكب والنجوم
وتتصادم المجرات بعضها البعض
مما يعنى الفناء الكامل يا ايهاب انها النهايه لا ريب
فغر فاه ايهاب من الصدمه وقد تبخرت جميع احلامه
وانقلبت سحنته بشكل كبير
وهو يقول لنفسه فى صدمه وانهيار ولو سانفق النقود كلها فى يوم واحد
فى ساعه واحده
واغروقت عينه بالدموع وهو يقول لنفسه
كم انت عنيف معى ايها القدر
كم انتى قاسى يا زمن ملايين السنين مرت
وجى اليوم واليوم فقط لكى تعلن النهايه
رفع ايهاب عينيه ببطئ
وسئل ادهم
كم تبقى من الوقت يا ادهم على لحظه النهايه
قال ادهم باسى
اكثر العلماء تفائلا يقول انه تبقى
حوالى مليونى عام على اقصى تقدير
وتنفجر الارض بكل ما فيها ومن فيها!!!!!
تذكر ايهاب هذه التفاصيل الاخيره
وهو داخل قفص حديدى
والاستاذ هشام المحامى يقف فى محكمه الجنايات يترافع بصوته الجهورى
عن الاستاذ ايهاب
وهو يقول العاهه المستديمه التى اصابت المجنى عليه ادهم
كانت عن طريق الخطا
يا سياده القاضى
!!!!!!!!!!!!!!!!