ولكني أريد أن أسمعه!!
ما الذي أصاب حواسنا وإحساسنا؟ أسأل نفسي هذا السؤال عندما أري وجها علي ملامحه مظاهر التجهم بادية، ولسانا لا يخلو من كلمة نابية، فأقول لنفسي: لماذا يعيش الإنسان متعمداً إخفاء ما تحمله نفسه من صفات الرحمة والمحبة التي فطره الله عليها، وأودعها فيه.
إن في داخل كل نفس قمراً يصر علي أن يطل بنوره ولكن للأسف يصر بعضهم علي حجبه، وكثيرا ما أعجب عندما أري من يضن علي من هم أقرب الناس إليه بكلمة جميلة تمطر ودا ومحبة فيواسي بها قلبا مكلوما، ويطيب بها الخاطر وتسكن بها الخواطر، ويزداد عجبي عندما أري من يتكبر فلا يقول كلمة شكر لمن أسدي إليه معروفا؟! ويزداد عجبي عندما أري من يتكبر فلا يقول كلمة مجاملة رقيقة تنزل علي قلوب من حوله بردا وسلاما، فتبتسم الملامح العابسة وتنشط الروح اليائسة؟!
تؤكد بعض الدراسات النفسية علي ان الكرام في مشاعرهم، هم كرام الأيدي وكرام الجيوب، لم يبعدوا كثيرا عن الحقيقة. لذلك فاربأ بنفسك أن تكون بخيلا، وأعلم أننا نحتاج إلي بسمتك الرقيقة، ولفتتك الحانية، وأكثر ما نحتاجه هو كلمتك الجميلة.. تريد ان تسمعها الأم فتشعر بلذة تعبها وقيمة وجودها.. ويريد ان يسمعها الأب فيشعر بأن لقطرات العرق المالح علي جبهته حلاوة، وان للحظات الألم ولليالي التعب في سبيل أحبابه متعة..
ويريد ان يسمعها الابن والبنت فتسعد بها الروح ويطمئن بها القلب فيمتلئ ثقة وتفاؤلا وأملا.. ويريد ان يسمعها الحبيب فتصفو بها روحه وتسمو بها نفسه إلي آفاق رحبة وأحلام جميلة تجعل الواقع المرير حلوا لأنه اطمأن إلي قوة المحبة وجميل المودة وصادق المشاعر.. ويريد أن يسمعها الصديق والصاحب فتزداد الألفة وتعظم في النفوس وتقوي أواصر المحبة.. ويريد أن يسمعها الموظف لتقوي بها الهمة، وتتضاعف بها العزيمة.
وأخيراً إننا جميعا نحتاجها منك كلمة: تأسو فلا تقسو، وتسمح فلا تجرح، وأذكر ان حبيبا قال لحبيبه: ألا تشعر بما يحمله لك قلبي من حب؟ فرد عليه قائلا: أشعر به ولكني أريد أن أسمعه!!