حورِيَّةُ ﭐلْبَحْرِ وٱلصَّيّادُ
في زَمَنٍ قَديمٍ جِدًّا عاشَ صَيّادٌ فَقيرٌ في كوخٍ قَديمٍ، عَلى شاطِئِ بَحْرٍ، يَصْطادُ ﭐلسَّمَكَ بِصَنانيرِهِ وَشِباكِهِ. في صَبيحَةِ أَحَدِ ﭐلْأَيّامِ، خَرَجَ في قارِبِهِ كَعادَتِهِ... تَوَغَّلَ في قَلْبِ ﭐلْبَحْرِ، وَأَلْقى شِباكَهُ فَغاصَتْ حَتّى ﭐلْأعْماقِ، وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ رِزْقَهُ بِصَبْرٍ وَأَمَلٍ...
فَجْأَةً، اِهْتَزَّ ﭐلْقارِبُ، وَصارَ يَتَمايَلُ يَمينًا وَيَسارًا، فَأَخَذَ ﭐلصَّيّادُ يَسْحَبُ شِباكَهُ، وَكانَتْ ثَقيلَةً جِدًّا. لَمّا نَظَرَ إِلَيْها كادَ يَفْقِدُ وَعْيَهُ مِنْ شِدَّةِ ﭐلدَّهْشَةِ! لَقَدْ شاهَدَ حورِيَّةَ بَحْرٍ تَتَحَرَّكُ في ﭐلشِّباكِ وَقَدْ ظَهَرَ ﭐلْيَأْسُ في عَيْنَيْها، وَذَيْلُها ﭐلطَّويلُ ﭐللَّمّاعُ يَضْرِبُ ﭐلشَّبَكَةَ في كُلِّ ﭐتِّجاهٍ.
أَخْرَجَ ﭐلصَّيَادُ ﭐلْحورِيَّةَ، وَرَماها في ﭐلْقارِبِ، فَاسْتَقَرَّتْ في قَعْرِهِ. راحَ يَعِدُ نَفْسَهُ بِمالٍ وَفيرٍ ثَمَنًا لَها، لٰكِنَّ ﭐلْحورِيَّةَ قَطَعَتْ عَلَيْهِ أَحْلامَهُ، وَقالَتْ لَهُ بِصَوْتٍ مُتَقَطِّعٍ: أَيُّها ﭐلصَّيّادُ ﭐلطَّيِّبُ! أَعِدْني إِلى عالَمي! فِإِذا فَعَلْتَ، كافَأْتُكَ وَجَعَلْتُكَ غَنِيًّا!
قالَ ﭐلصَّيّادُ: تَجْعَلينَني غَنِيًّا؟ كَيْفَ؟
قالَتْ ﭐلْحورِيَّةُ: أُعْطيكَ سِرًّا عَجيبًا، تَصْنَعُ بِهِ مَسْحوقًا لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ غَيْرُنا.
قالَ ﭐلصَّيّادُ بِلَهْفَةٍ: وَما هٰذا ﭐلْمَسْحوقُ ﭐلْعَجيبُ؟
قالَتْ: إِنَّهُ ﭐلْمِلْحُ! بِهِ تُطَيِّبُ ﭐلطَّعامَ، وَتَبيعُهُ وَتَرْبَحُ أَمْوالًا طائِلَةً.
قالَ ﭐلصَّيّادُ: شَوَّقْتِني أَيَّتُها ﭐلْحورِيَّةُ إِلى مَعْرِفَةِ هٰذا ﭐلْمَسْحوقِ! عَلِّميني كَيْفَ أَصْنَعُهُ؟
قالَتْ ﭐلْحورِيَّةُ: ضَعْ قَليلًا مِنْ ماءِ ﭐلْبَحْرِ تَحْتَ أَشِعَّةِ ﭐلشَّمْسِ، وَﭐنْتَظِرْ عِدَّةَ أَيّامٍ تَحْصُلْ عَلى هٰذه ﭐلْمادَّةِ ﭐلْعَجيبَةِ.
سُرَّ ﭐلصَّيّادُ كَثيرًا، وَأَطْلَقَ ﭐلْحورِيَّةَ، فَغاصَتْ في ﭐلْبَحْرِ غَوْصًا عَجيبًا. بَدَأَ ﭐلصَّيّادُ يَصْنَعُ ﭐلْمِلْحَ وَيَبيعُهُ، فَتَهافَتَ عَلَيْهِ ﭐلنّاسُ لِيَشْتَروهُ